صدى الشعر
أُرسلت
دعوة إلى كلٍّ من (الشاعر إبراهيم المازني، والشاعر جبران خليل جبران، والشاعر
إبراهيم ناجي) تقول:
"يتشرف
تلفزيون الأدب بدعوتكم لاستضافتكم في برنامج صدى الشعر، وذلك يوم السبت الموافق (2/
5/ 1919) في تمام الساعة الرابعة عصرًا."
لبى
الشعراء الثلاثة الدعوة، وتمت استضافتهم في البرنامج ليكون اللقاء كالتالي:
مقدم
البرنامج:
|
أهلًا
ومرحبًا بكم في برنامجكم صدى الشعر. حلقة اليوم مختلفة تمامًا عن باقي حلقات
البرنامج؛ حيث إننا نستضيف معنا في هذا اللقاء ثلاثة من كبار شعراء المدرسة
الرومانسية.. لنرحب معًا بكل من الشاعر (عبد الرحمن شكري)، والشاعر (جبران خليل
جبران)، والشاعر (إبراهيم ناجي).
أهلًا
بكم ضيوفنا الكبار، وشكرًا لكم لقبول دعوتنا وحضوركم معنا اليوم في هذا
البرنامج، ثلاثتكم تنتمون إلى المدرسة الرومانسية كما نعلم، ولكن لكل واحد منكم
اتجاه مختلف عن الآخر.. ما سبب هذه
الاتجاهات المختلفة وهلا حدثتموني عنها؟
|
عبد
الرحمن شكري:
|
في البداية أود أن أرحب بأصدقائي الشعراء، وبك
أيها المقدم، وبالجمهور الكريم.. بالنسبة لاتجاهاتنا المختلفة التي تحدثت عنها
سيدي الكريم، فأنا أختلف معك في كونها مختلفة، وأفضل وصفها بالمتكاملة؛ حيث إن
كلًا من مدرسة الديوان -التي أنتمي إليها-، ومدرسة المهجر، ومدرسة أبولو ليست
سوى مراحل متتالية تزيد من مفهوم
التجديد الذي ندعوا إليه جميعًا في مفهوم الشعر العربي.
|
مقدم
البرنامج:
|
جميل
جدًا.. نود لو يعرفنا كل منكم بمدرسته وبمظاهر التجديد التي أضافتها كل مدرسة
إلى المدرسة التي سبقتها..
لنبدأ
معك أستاذ عبد الرحمن.
|
عبد
الرحمن شكري:
|
نحن
نسعى إلى الفصل بين عهدين كما يقول العقاد، الأول هو: (الشعر الكلاسيكي القديم)،
والثاني: ما طورناه وأضفناه نحن إلى الشعر؛ حيث ترى شعرنا قد خرج عن شكل القصيدة
القديمة، ومضمونها، وبنائها، وحتى لغتها، لكن قد لا ترى هذا بشكل واضح فيها،
وربما تجده بوضوح أكبر عند كل من شعراء المهجر وأبولو. وقد التزمنا بالوزن ونظام
الشطرين، وخالفنا في الموضوع مستخدمين لغة سهلة قريبة من العامة. وأما عن سبب
تسمية اتجاهنا بالديوان، فإنه يعود إلى الكتاب الذي ألفه كل من العقاد والمازني
بعنوان (الديوان في الأدب والنقد)، واتسم شعرنا بأنه إنساني.
|
جبران
خليل جبران:
|
أما
نحن، فجئنا مكملين لما بدأه أصدقاؤنا الديوانيون. فابتعدنا عن الالتزام بالوزن
واستخدمنا نظام الأسطر أحيانًا، وكان لقصائدنا مفهوم ذاتي؛ حيث إنها جاءت معبرة عن ذات الشاعر، متعمقة
فيه، وتراها أحيانًا مجسدة للطبيعة محاكية لها، إذ إن معظم أشعارنا تمثلنا
بالدرجة الأولى. ولهذا قد تلاحظ أن القارئ يحاول إسقاطها على نفسه فيستخدمها
لتكون أيضًا معبرة عن ذاته ولكن بألفاظنا.. وسبب تسمية اتجاهنا بالمهجر يعود إلى
أن معظمنا من (الشام) هاجرنا إلى الأمريكيتين
الشمالية والجنوبية، فكتبنا ونظمنا أشعارنا هناك في مهجرنا..
|
إبراهيم
ناجي:
|
وأخيرًا..
نحن نعد المرحلة الأخيرة لاكتمال دعائم المدرسة الرومانسية؛ حيث أكملنا ما كان
بها من نقص. وقد تأثرنا بالرومانتيكية الأوروبية وأتقن أغلبنا اللغة الأجنبية، واتخذنا من العاطفة أساسًا لشعرنا.
وأسمينا جماعتنا بأبولو متأثرين بإله النور والفن والجمال الإغريقي (أبوللون)،
ولكن أريد أن أضيف أن اتجاهاتنا هذه بالرغم من كونها متكاملة -كما قال عبد
الرحمن شكري- في أنها تسعى إلى التجديد
في القصيدة العربية، فإنني أخالفه في نقطة، وهي أننا مختلفون بمضامين اتجاهاتنا،
وإن كان غاية هذا الاختلاف هو التكامل..
|
مقدم
البرنامج:
|
ماذا
تقصد شاعرنا بأن مضامين اتجاهاتكم مختلفة. هلا أوضحت أكثر؟
|
إبراهيم
ناجي:
|
بالطبع..
ما أقصده أننا في جماعة أبولو كنا قد اتخذنا من الحب الحزين معادلًا موضوعيًا
لأشعارنا، بينما نلاحظ أن الديوانيين لم تختلف موضوعاتهم كثيرًا عمن سبقهم،
واتخذوا من الذهنية معادلًا موضوعيًّا لأشعارهم. أما المهجريون فكانوا ذاتيين
خالصين، وإن كنا قد تأثرنا نحن جماعة أبولو بهم.
|
مقدم
البرنامج:
|
شكرًا
لك.. لفت انتباهي قول جبران بأن أشعارهم تجسد الطبيعة. هلا وضحت لي أستاذ جبران
مقولتك هذه؟
|
جبران
خليل جبران:
|
بالتأكيد..
دائمًا ما يلجأ الشاعر الذاتي إلى الطبيعة؛ إذ يرى فيها ملجأ له من همومه. وفي
أثناء لجوئه إليها تراه يحاكيها، ويشركها في شعره، وتجد هذا في أشعارنا كما تجده
في شعراء جماعة أبولو. لترى مثلا قصيدة كنت قد كتبتها بعنوان (وفد الربيع)، وأخرى
بعنوان (سكن الليل) وغيرها الكثير.
|
مقدم
البرنامج:
|
أشكركم
جميعًا على هذا الموجز البسيط الذي قدمتموه لنا عن اتجاهاتكم الثلاثة ولكن قبل
الختام، وبطلب خاص من الجمهور لكم، نود أن نستمع إلى ثلاث قصائد قمتم بتأليفها
بأنفسكم وتعبر عن اتجاهاتكم في الوقت ذاته.
|
عبد
الرحمن شكري:
|
أقلّب
طرفي في وجوه كثيرة
وأُكثر
من تلحاظها وأطيل
وأبغى
بديلًا من هواك يتاح لي
وهيهات، مالي من هواك بديل!
وكيف!
وعندي من خيالك حارس
تجسّم حتى ما يكاد يزول
فيهمس
في أذني، ويسري بخاطري
ويسمع ما أشدو به وأقول
ويشغلني
عمّا سواه، فإن أُرِد
سلوًا تصدّى دونه فيحول
كأني
أسير وهو في السجن حارس
فما لي إلى طعم الخلاص سبيل
وأعجب
من أمري وكيف عشقتكم
وقد
كنت لا يقوى عليّ غليل
وأرخصني
حبّيك من طول هجرة
فإن
عزيز العاشقين ذليل
فأبكي
على نفسي وليس بنافعي
إذا
تلفت نفسي لديك عويل
وأبكي
على العزم الذي أنا ناشد
فعزمي
شريد في هواك ضئيل
فيا
جنة العشق ظلك وارف
وإني
في حر الغرام أقيل
وكيف
يفرّ المرء من ظل جسمه؟
فطيفك
لي ظل لديّ ظليل
|
جبران
خليل جبران:
|
يا
مزهرا صيغ من جذوع
رقت
وضمن ضم الصوان
لم
تنس ما أوجعته فيها
من
نغمات طير الجنان
فاللحن سر بها دفين
وهي
على سرها حوان
إن بعثتها الأوتار ردت
تلك الأغاريد في حنان
لا صوت أشجى من صوت عود
كيف
به وهو عود هاني
|
إبراهيم
ناجي:
|
يا
أمتي كم دموعٍ في مآقينا
نبكي
شهيديك أم نبكي أمانينا؟!
يا
أميت إن بكينا اليوم معذرةً
في
الضعفِ بعضُ المآسي فوق أيدينا
واهاً
على السرب مختالاً بموكبه
وللنسور
على الأوكار غادينا
قالوا
الضباب فلم يعبأ جبابرةٌ
لا
يدركون العلا إلاّ مضحِّينا
والمانش
يعجب منهم حينما طلعوا
على
غوارِبِهِ الغيرى مطلِّينا
فاستقبلتهم
فرنسا في بشاشتها
تجزي
البسالة ورداً أو رياحينا
قالوا
النسور فهبَّ القومُ وادَّكروا
نسراً
لهم ملأَ الدنيا ميادينا
وهلل
السِّين إذ هلَّت طلائعنا
طلائع
المجد من أبناء وادينا
حان
الأمانُ ووافَى السربُ فافتقدوا
نسرين
ظنوهما قد أبطآ حينا
لكنه
كان إبطاءَ الرَّدى فهما لما
دعا
المجد قد خَفَّا ملبينا
فلبيكِ
من شاء وليُشبعْ محاجرَهُ
ولينتحبْ
ما يشاءُ الحزنَ باكينا
يبكي
الحبيب وتبكي فقد واحدها
من
لا ترى بعده دنيا ولا دينا
هُنيهة
ثم يسلو الدمعَ ساكبُه
لا
يدفعُ شيئاً من عوادينا
فكلما
حلَّ رزءٌ صاحَ صائحُنا:
فداك
يا مصر لا زلنا قرابينا
فداك
يا مصر هذا النجم منطفئًا
والنسر
محترقاً والليث مطعونا!
|
مقدم
البرنامج:
|
شكرًا
لكم أساتذتي الكرام، سعدنا اليوم بحضوركم
معنا، شكرًا لكم متابعي برنامجنا. كان معكم محمد مقدم برنامج صدى الشعر.
عمتم مساءً.
|
انتهى..
إعداد الطالبة:
روان أسعد
تعليقات
إرسال تعليق