الشاعر نبيّ
يجتمع
كل من العقاد وجبران وأبو شادي في أحد الصالونات الثقافية ويدور بينهم هذا
الحوار..
العقاد:
|
مرحبًا
يا رفاق. نحن اليوم نجتمع تحت لواء تيار واحد، هو تيار الرومانسية، نحمل لواء
الثورة والتمرد على القديم، نطالب بالحرية.
|
أبو
شادي:
|
نعم
يا صديقي. نحن نريد الحرية،كفانا المحاكاة والتقليد للقديم،كفانا التقييد، نريد
التحرر من الشكل القديم للقصيدة العربية، هذا الشكل الذي يقيد أرواحنا ويكبت
وجداننا، نريد شعرًا جديدًا بروح جديدة، متحررًا من الوزن والقافية؛ فالشاعر لا
يحتاج إلى قوافٍ وبحور؛ لأن طبعه قادر على إلهامه موضع الصحة والخطأ.
|
جبران:
|
أحسنتم
يا رفاق. فالشعر يجب أن يتحرر من قيود العقل والصنعة. يجب أن يكون معبرًا عن
النفس والوجدان. يجب أن نطلق العنان للخيال. علينا التحرر من وحدة البيت؛ فالقصيدة
كائن حي يرتبط كله ببعضه البعض، علينا التعبير عن الفرد وما يحمله من مشاعر
وأحاسيس، علينا التعبير عن الطبيعة.
|
العقاد:
|
نعم.
علينا التعبير عن الطبيعة، وعن الحياة بكل ما فيها؛ فالشعر والحياة توأمان لا
ينفصلان، الشعر موجود حولنا في كل مكان؛ البيوت، والسيارات، والدكاكين، والطرقات.كلها
تمتزج بالحياة الإنسانية، وكل ما يمتزج بالحياة الإنسانية ممتزج بالشعور، وكل ما
يمتزج بالشعور صالح للتعبير.
|
جبران:
|
أصبت
يا عقاد. الشعر في كل شيء حولنا؛ في ترنيمة البلبل، في خرير الجدول، في ابتسامة
الطفل، ودمعة الثكلى، في جمال البقاء وبقاء الجمال، في النعيم والشقاء؛ فالشعر
هو الحياة باكية وضاحكة، ناطقة وصامتة، مولولة ومهللة، مقبلة ومدبرة.
|
العقاد:
|
أرى
أننا نتفق في الخطوط العريضة للرومانسية، ولكني أختلف معكم في بعض الأمور؛ فأنت
يا جبران، أختلف معك في اللغة التي تستخدمها؛ فقد استخدمت مفردات لغوية ذات
اشتقاقات جديدة لم تألفها معاجم العربية الكلاسيكية. ففي قولك:
هل تحممت بعطر أم تنشفت بنور
كيف
تقول تحممت؟ والصواب أن تقول استحممت.
|
جبران:
|
استخدمت
لفظة تحممت من أجل المحافظة على الوزن، وأنا لا أرى مانعًا من اشتقاق مفردات
جديدة ما دامت تساهم في توصيل الرسالة الأدبية. والأديب في حِلٍّ من الخطأ، كما
أنه لا مشكلة من التطور في اللغات.
|
العقاد:
|
نعم،
الأديب في حِلٍّ من الخطأ في بعض الأحيان، ولكن بشرط أن يكون الخطأ خيرًا وأجمل
وأوفى من الصواب،كما أن التطور يكون في اللغات التي ليس لها ماضٍ وقواعد وأصول. واللغة
العربية لها ماضيها العريق وقواعدها وأصولها؛ فهي ليست بنت اليوم، فمن أجل ذلك
يجب المحافظة على المفردات العربية باشتقاقاتها التراثية المعهودة.
|
أبو
شادي:
|
اهدأ
يا عقاد. لما كل هذا التعسف؟ الرومانسية تنادي بالشعور والوجدان، تنادي بالتحرر
من كل شيء في سبيل التعبير عن الذات والعاطفة. وأنا أراك ما زلت تتمسك بالقواعد
وتستغرق في الذهنية، تهاجمنا جميعًا، جميعنا على خطأ وأنت فقط على الصواب؟!!
الشعر
وحيٌ والشاعر نبيٌّ، لا يقيد بلغة ولا وزن ولا شكل. الشعر امتزاج الطبيعة
بالإنسان. الشعر وجدان.
|
انتهى..
إعداد الطالبات
دينا محمد ماهر ماضي غادة عبد الكريم سليمان
نورة إبراهيم عبد الكريم
تعليقات
إرسال تعليق