محكمة الشعراء



يرفع الستار عن المسرح، ويظهر في وسطِه منصة وخلفها ثلاثة من الكراسي، ويظهر على جهة اليسار من المنصة، باب يقف عنده الحاجب..

وبعد لحظات ينادي الحاجب بأعلى صوته:
محكمة.
يدخل رئيس المحكمة مرتديًا الزي الرسمي للحكام، ثم يتبعه المساعدان الأول والثّاني، فيدوي التّصفيق من قبل المشاهدينَ في القاعة، ويأخذ رئيس المحكمة مكانه، ويجلس المساعدُ الأوّل على يمينه والمساعد الثّاني على يسارِه..
رئيس المحكمة:
يلتفت الرئيس نحْو الحاجب ِويقول له:
 
 
 
 
 
بسم الله نفتتح الجلسة الأولى لمحكمة الشعراء.
نادِ على المتهم الأول
الحاجب بأعلى صوته:
المتهم "عباس العقاد"
يدخل العقاد، ويقف في قفص الاتّهام بانْتظار ما ينْطق به رئيسُ المحكمة..
رئيس المحكمة:
 
 
أقسم بأنك ستقول الحق..
العقاد:
والله العظيم سأقول الحق..
رئيس المحكمة:
ما اسمك؟ وكيف نشأت؟
العقاد:
اسمي عباس محمود العقاد، ولدت عام ١٨٨٩م، في القاهرة، تحديدًا في أسوان، ونشأت في أسرةٍ فقيرةٍ، ولم أتلقّ غير تعليمي في المرحلة الابتدائية؛ وذلك بسبب عدم وجود مدارس أخرى في قريتي، وأنّ والديّ لم يكنْ لديهما القدرة لإرسالي إلى القاهرة، فكانت الحالة لا تسمح بذلك.
رئيس المحكمة:
ما أعمالُك ووظيفتك؟
العقاد:
لقد عملت في كثير من الجهات الحكومية والأوقاف، ثم تَركْت هذا العمل، وبدأتُ أعمل في الصحافة حتى قمتُ بمشاركة (محمد فريد) في إنْشاء صحيفة اسمها (صحيفة الدستور) ولكنْ لم ْيكن الحظ حليفي، فأغلقت الصّحيفة واتّجَهْتُ إلى الدُّروس لكي أستطيع العَيْشَ.
رئيس المحكمة:
ما وصلني عنك أنَّك لم تقمْ بنشر دواوين وأنَّك غير ملتزم بقوانين المدرسة التابع لها.. أهذا صحيح؟
العقاد:
ليس صحيح يا سيدي، فأنا نشرت ما يَقْرُب من عشْرة دواوين، وكان أول ديوان صدر لي بعُنْوَان (يَقَظَةِ الصباح) عام١٩١٦م، أما بالنسبة لعدم التزامي بقواعد المدرسة فأنا ملتزم أشد الالتزام بهذه القوانين، فأنا لا أبالغ في الكلام، ولا أتَكلَّفُ به، وأستخدم أسلوبًا يفهمه الكثير من الناس.
رئيس المحكمة:
 
بلغني أيضا وجود تخاصم بَيْنَك وبين الأدباء التَّالِية أسماؤُهم: (أحمد زكي أبو شادي، وإيليا أبو ماضي)
العقاد:
خصام! لا أعلم ما هو يا سيدي.
يطلب رئيس المحكمة من الحاجب أن ينادي على السادة الأدباء الذين ذكرت أسماؤهم..
الحاجب:
 
 
السيدان (إيليا أبو ماضي)، و(أحمد زكي أبو شادي).
رئيس المحكمة:
قولا: والله العظيم سنقول الحق.
أيليا وأبو شادي معا:
والله العظيم سنقول الحق.
رئيس المحكمة:
ما اسمكما؟ وأين ولدتما؟
أحمد زكي أبو شادي:
 
أنا أحمد زكي أبو شادي، ولدت عام ١٨٩٢م في القاهرة، ونشأت في أسرة ميسورة الحال.
إيليا أبو ماضي:
أنا إيليا أبو ماضي، ولدت عام ١٨٨٩م.. من لبنان، نشأت في أسرة بسيطة؛ لذلك لم أدرس سوى الابتدائية، وعندما اشتدَّ بيَ الفقرُ جئت إلى مصرَ بهدف التجارة.
رئيس المحكمة:
لقد جاءني علم بأنَّكم جميعا على خلاف، فلماذا؟
يبدأ أحمد أبو شادي بالكلام قائلا:
سبب الاختلاف يا سيدي هو في مفهوم الشعر عندهم، فالشعر عند إيليا أبو ماضي قائم على الاستغراق في الذهنية ومُحَلق مع العاطفة.
أما بالنِّسبة للعقاد فيقول: إنّ الشعرَ قائمٌ على التعبير عن الحياة التي يحُسُّها الشَّاعر.
أما رأيي فهو أنَّ الشعرَ قائمٌ علي حبِّ الطَّبيعة والامتزاج بها، ومناجاتها، والتعبير عن موقف الإنسان والدَّعوة إلى تهذيب النَّفس، ونشر الخير والجمال، والميل إلى اللُّغة الحية.
رئيس المحكمة:
ما رأيك يا عقاد؟
العقاد:
أنا أنتمي إلى مدرسة الديوان، ونؤمن بأن الشعر يجب أن يتصف بعدم الإسراف في استخدام الصور والمحسنات، وأن يستمد الصور من البيئة الجديدة، مع استخدام لغة العصر، والحرص على الوحدة العضوية.
رئيس المحكمة:
وأنت يا إيليا؟
إيليا أبو ماضي:
أنا من مدرسة المهجر، وندعو إلى الاتجاه إلى التجديد. والشعر عندنا يقوم بدور إنساني، وهو تهذيب النَّفْسِ، ونشر الخير. وغايتنا المشاركة الوجدانية، والتأمل في حقائق الكون، والحنين إلى الوطن، والميل إلى الرمز، والتحرر من وحدة الوزن القافية، مع التمسك بالوحدة العضوية.
رئيس المحكمة:
تعليقك الأخير يا أبا شادي..
أحمد أبو شادي:
ونحن كذلك يا سيدي نؤمن بالحرية في التعبير، والتوسع في المجالات والابتكارات في الصور، والتجديد في المضمون الشعري، والتعبير الرمزي بالألفاظ والصور، والميل إلى الألفاظ المرتبطة بالطبيعة، مع الحرص على الموسيقى الصافية الهامسة البعيدة عن الجفاف، وتشخيص الجمادات وهي صُور حية متحركة ناضجة.
رئيس المحكمة:
ألا تلاحظون أنكم جميعا تحت مظلة واحدة وهي الرومانسية؟ لماذا الخلاف إذن؟
يتبادل الشعراء الثلاثة النظر ثم يسرعون لعناق بعضهم البعض.. وتضج القاعة بالتَّصفيق ليعلن القاضي انتهاء الجلسة..

                                                                                            انتهى..

إعداد الطالبات

نادية صبري سعيد حسن                                  ابتسام سليمان جمعة

آية ياسر أحمد محمدين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تلعب العروض؟

الشعر العربي الحديث

من أعمال الطلاب