ما الشعر؟
اجتمع
ثلاثة من شعراء الرومانسية، أولهم من مدرسة الديوان وهو إبراهيم عبد القادر
المازني، وثانيهم من مدرسة المهجر وهو ميخائيل نعيمة، وثالثهم من مدرسة أبولو وهو
أحمد زكي أبو شادي. وذلك ليتحدثوا عن مفهوم الشعر؛ فكان حوارهم كالتالي:
المازني:
|
أرى
أن الشعر -في أصله- فن ذاتي يحاول الشاعر أن يرضي نفسه به، ويتعلل ويتلهى. وينبغي
أن يتحرى الشاعرُ الصدقَ في الترجمة عن نفسه والكشف عن دخيلتها؛ فالشاعر لا بد
أن يصدق إذا تغزل أو وصف أو يئس أو تمنى، أو قال شعر تأمليًا أو حكميًا. والشاعر
الحق لا تحركه المناسبات الخارجية، ولا يدخل إرضاء الناس في حسبانه مهما علا
شأنهم؛ لأن الشاعر إذا حاول إرضاء الناس ضعفت فيه الملكةُ الشعرية.
والوزن ضروري في الشعر، وليس هو بالشيء
المصطلح عليه، ولكنه جوهري لا بد منه؛ فهو جثمان الشعر. فلا شعر إلا بالوزن
والقافية، أو بالوزن على الأقل. أما ما يطلقون عليه "الشعر المنثور"
فليس بشعر عندي.
وللشعر غايات منها إدخال اللذة على القلوب
والسلوان على النفوس، والسمو بالناس إلى درجة من الفكر أعلى ومستوى من التصور
أعلى.
كما أن للشعر لغة خاصة؛ فالكلمات يجب ألا
تستعمل من أجل ذاتها، بل لترسم صورة أو تستثير عاطفة.
|
ميخائيل:
|
الشعر
هو لغة النفس، ألا ترون أنه يعبر عنا حال ضحكنا وبكائنا، ونطقنا وصمتنا؟.
والشاعر هو ترجمان هذه النفس؛ فهو نبي يرى ما لا يراه الناس، ومصور يصب ما يراه
ويسمعه في قوالب من الكلام، وموسيقى يسمع أصوات الطبيعة؛ فيعبر عنها بعبارات
موزونة رنانة، وكاهن يخدم إلهًا هو الحقيقة والجمال، وهو يرى هذا الإله في مظاهر
الطبيعة من حوله.
وفرق كبير ما بين الشعر والنظم؛ فالشاعر هو
الذي يمسك قلمه مدفوعًا بعامل داخلي لا سلطة له فوقه ليترجم عواطفه ويعبر عن
أفكاره. أما النَّظَّام فلا غاية له من أخذ القلم سوى أن ينظم قصيدة، وسرعان ما
نكتشف تصنعه وخداعه.
ووزن الشعر ضروري، أما القافية -وخاصة
الموحدة- فليست ضرورية؛ فالقافية العربية مجرد قيد تُربط به قرائح الشعراء.
أما عن غاية الشعر، فإن الشاعر لا ينبغي أن
يكون رهين إرادة قومه فينظم ما يطلبونه فقط. وفي الوقت نفسه يجب أن يكون شعره
خادمًا لحاجات الإنسانية.
|
أحمد
زكي أبو شادي:
|
الشعر
يا أصدقائي -في حقيقته- هو لغة الشعور وتصويره. وهو تعبير عن روح الكون؛ فَبِهِ
نكتشف أسرار الوجود. وجميع ما في الكون أو الوجود يصلح موضوعًا للشعر.
أما عن لغة الشعر، فإنني أرى أن لكل بيئة ما
يوافق روحها. ولستُ من أنصار اللهجة العامية، ولكنني أرتاح إلى تمصير العربية أو
تعريب المصرية؛ حتى يظهر في أدبنا روح هذا الوطن الوديع الرقيق.
ولا أتفق مع ما قاله الأستاذ المازني عن الشعر
المنثور، بل إنني أدافع عن كل ضروب الشعر، بما فيها من شعر منثور؛ فالشعر يا
إخواني ليس محصورًا على لون بعينه. ولولا هذه الحرية الفنية لما احتمل النقاد
الضروب الجديدة من الشعر.
والموسيقى مهمة في بعض المفاهيم الشعرية،
ولكنها ليست بالعنصر الرئيسي في الشعر؛ فجوهر الشعر التعبير عن الحياة وتفسير
أسرار الكون، ويكفي أن يكون الشعر مليئًا بالصور من دون حاجة إلى الموسيقى.
|
انتهى..
إعداد الطالبة:
مها محمود عبد الفتاح إبراهيم
تعليقات
إرسال تعليق