الإيقاع الثاني



ولنعد يا صديقي إلى لعبتنا التي تركناها منذ فترة.. نسيت؟ طاولتك يا صديقي.. الآن سندق إيقاعا جديدا عليها.. دق معي (دُمْ) ثم (دُمْ) أخرى، ثم أضف إليها (دُدُمْ).. نعم (سبب خفيف + سبب خفيف + وتد مجموع).. كرر الإيقاع كثيرا حتى يستقر في أذنك.. هكذا..

دُمْ دُمْ دُدُمْ/ دُمْ دُمْ دُدُمْ/ دُمْ دُمْ دُدُمْ/ دُمْ دُمْ دُدُمْ/ دُمْ دُمْ دُدُمْ/ دُمْ دُمْ دُدُمْ

/o/o//o  /o/o//o  /o/o//o  /o/o//o  /o/o//o  /o/o//o

 

هل تذكر ذلك السؤال الذي سألته لك قبل ذلك مع الإيقاع السابق (الدائرة العروضية السابقة)؟ ماذا لو تركتك ثم عدت إليك بعد قليل، وكان دخولي متزامنا مع (دُمْ) الثانية؟ نعم.. صحيح.. سأسمع أنا:

دُمْ دُدُمْ دُمْ/ دُمْ دُدُمْ دُمْ/ دُمْ دُدُمْ دُمْ/ دُمْ دُدُمْ دُمْ/ دُمْ دُدُمْ دُمْ/ دُمْ دُدُمْ دُمْ

/o//o/o  /o//o/o  /o//o/o  /o//o/o  /o//o/o  /o//o/o

 

وسيكون السؤال مطروحا كالعادة: هل غيرت الإيقاع؟ بالطبع لا.. ما تغير هو البداية.. البداية المختلفة هي التي جعلتني أشعر بإيقاع جديد.. فلنكمل اللعبة معا.. ماذا لو جاء دخولي متزامنا (دُدُمْ)؟ سأسمع أنا:

 

دُدُمْ دُمْ دُمْ/ دُدُمْ دُمْ دُمْ/ دُدُمْ دُمْ دُمْ/ دُدُمْ دُمْ دُمْ/ دُدُمْ دُمْ دُمْ/ دُدُمْ دُمْ دُمْ

//o/o/o  //o/o/o  //o/o/o  //o/o/o  //o/o/o  //o/o/o

 

ومرة ثانية سأقول لك إنك لم تغير الإيقاع، وإن البداية بالنسبة لي هي التي غيرت شعوري بالإيقاع.. لك أن تعرف -إذن- أن التفعيلة الأولى (/o/o//o) سميت (مُسْتَفْعِلُنْ)، وأن الثانية سميت (فَاعِلاتُنْ)، وأن الثالثة سميت (مَفَاعِيلُنْ).. احفظها الآن مع ضربك على الطاولة.. كرر كل واحدة منها عشر مرات، وسيتأكد لك أن الإيقاع واحد، وأن اختلاف البداية فقط هو ما سيجعلك تشعر بإيقاع جديد في كل مرة.

        أنت على موعد الآن مع الدائرة العروضية الجديدة.. لقد فهمت اللعبة وأراك ترسم الدائرة وتضع عليها المتحركات والسواكن.. هذه الدائرة اسمها (المجتلب)..

 

 

 

نحن عندنا الآن إيقاع واحد، ولكن اختلاف البداية يشعرنا بأننا أمام ثلاثة إيقاعات مختلفة، أو بالأحرى ثلاث صور مختلفة للإيقاع ذاته..

اعلم الآن أن تكرار (مستفعلن) 6 مرات يصنع لنا (بحر الرجز)، وتكرار (فاعلاتن) 6 مرات يصنع لنا (بحر الرمل)، وتكرار (مفاعيلن) 6 مرات يصنع لنا (بحر الهزج). [1]

 

أولا: بحر الرجز:

 

عرفت منذ قليل أن بحر الرجز هو تكرار (مستفعلن /o/o//o) 6 مرات، بواقع 3 مرات في كل شطر.. وكالعادة ستقول لي لماذا 6 مرات تحديدا؟ وسأقول لك أيضا كالعادة إن الخليل رأى أن هذا العدد هو ما استخدمه الشعراء (بالأحرى شعراء) لهذا الإيقاع.. وهذا هو العدد الأقصى ولكننا ربما نجد أقل من ذلك.

هل يمكنك الآن أن تشد إليك طاولتك لتضرب عليها الإيقاع مجددا ست مرات، مع ملاحظة التوقف قليلا بين كل ثلات مرات (نهاية الشطر).. هذه هي اللعبة الأولى كما تعودنا..

والآن جاءت اللعبة الثانية.. تعرفها بالطبع.. إنها لعبة الشاعر (البازل).. سنحاول الآن -يا صديقي- أن نمارس هوايتنا المفضلة، وهي كتابة الشعر.. فلنبدأ بكلمة مكونة من (/o/o) مثلا.. ما رأيك في (أهلا)؟ نحن نحتاج إلى (//o) وربما نضيف إليها شيئا آخر.. أظن أن (وسهلا) ستكون مناسبة.. نحن الآن أخذنا (/o) من التفعيلة الثانية.. ماذا لو أضفنا (يا)؟ هكذا نحتاج إلى كلمة تبدأ بـ(//o).. فلنقل: (صديقي).. تبقى لنا فقط (/o//o) لنكمل الشطر الأول.. فلتكن إذن (إنّني).. انتهينا الآن من هذا الشطر.. أصبح الشطر الأول:              أهلا وسهلا يا صديقي إنني

الكتابة العروضية: أهلن وسهـ /لن يا صديـ/ قي إننني

                       /o/o//o     /o/o//o    /o/o//o

ماذا لو بدأنا الشطر الثاني بقولنا (قد زاد شوقي)؟ هكذا نكون قد ملأنا حيزا يساوي (/o/o//o /o).. علينا أن نأتي بكلمة تبدأ بـ(/o).. فلنقل مثلا: (للقاء).. تبقى لنا (o/o//o) فقط.. ماذا لو قلنا (المنتظر).. انتهينا وفعلناها مجددا يا صديقي..

 

قد زاد شوقي للقاء المنتظر

الكتابة العروضية: قد زاد شو /قي لللقا/ ء لمنتظر

                       /o/o//o   /o/o//o  /o/o//o

 

حاول الآن أن تكتب بيتا على هذا الإيقاع.. لا تنس وأنت تحاول أن تردد الإيقاع، فهذا سيساعدك كثيرا.

الآن سنلعب لعبة جديدة عليك.. لعبة التوقعات.. لا تتعجل فستفهم حالا.. أنت تعرف الآن معنى الزحاف.. نعم هو (تغيير يصيب ثواني الأسباب، ويكون بحذف ساكن أو متحرك، أو إسكان متحرك).. أريدك فقط أن تتوقع الزحافات التي قد تصيب (مستفعلن /o/o//o)..

ستقول لي بالطبع إننا نمتلك هنا سببين خفيفين، وهو ما يعني أن كلا منهما قد يصاب بزحاف بحذف الساكن.. إذن عندنا ثلاثة احتمالات يمكننا أن نرى عليها (مستفعلن /o/o//o).. الاحتمال الأول هو حذف الثاني الساكن فتصبح (متفعلن / /o//o)، والاحتمال الثاني هو حذف الرابع الساكن فتصبح (مستعلن /o/ //o)، أما الاحتمال الثالث والأخير فهو حذف الثاني والرابع معا فتصبح (متعلن / / //o).. كم مرة قلت لك حتى الآن إنك صديق ممتاز؟ أنت رائع أيضا.

فقط سأضيف لك الآن شيئا واحدا، وهو أن حذف الثاني الساكن يسمى الخبن وهذا مر علينا قبل ذلك في بحر المتدارك، أما حذف الرابع الساكن فيسمى الطي، أما حذف الساكنين الثاني والرابع معا فيسمى الخبل. لقد نجحت في هذه اللعبة بامتياز.

لعبتنا الثالثة هي لعبة الملاحظات.. زن البيت التالي:

 كلامنا لفظ مفيد كاستقم    واسم وفعل ثم حرف الكلم

الكتابة العروضية:

كلامنا/ لفظن مفيـ/دن كستقم

//o//o  /o/o//o  /o/o//o

وسمن وفعـ/لن ثمم حر/ فن لْكلم

 /o/o//o  /o/o//o   //o//o

لاحظت بالطبع أن التفعيلة الأولى، والتفعيلة الأخيرة قد أصيبتا بزحاف الخبن وهو حذف الثاني الساكن.

ولنر مثالا آخر:

أيَّ مَكَان أَرتقي    أيّ عظيمٍ أَتَّقِي

الكتابة العروضية:

أيي مكا/ نن أرتقي       أيي عظيـ/ من أتتقي

/o///o  /o/o//o          /o///o  /o/o//o

 

أحسنت يا صديقي.. لقد لاحظت أن هذا البيت قد فقد تفعيلة من كل شطر.. نعم إنه الصورة المجزوءة لبحر الرجز.. هذا بالإضافة –بالطبع- إلى أن التفعيلة الأولى في كل شطر قد أصيبت بزحاف الطي، وهو حذف الرابع الساكن.

وانظر معي هذا البيت:

تَعلَّمي يا كَعْبُ وامشي مُبصرةْ

الكتابة العروضية:

تعللمي/ يا كعب ومـ/ شي مبصره

//o//o  /o/o//o  /o/o//o

 

أنا في انتظار الملاحظات الذكية.. ستقول لي الآن: "أين بقية البيت؟ هذا شطر واحد".. سأقول لك: أحسنت، ولكن هذا هو البيت كاملا.. إن البيت هنا ثلاث تفعيلات فقط.. لذلك نسميه الصورة المشطورة لبحر الرجز، هذا طبعا بالإضافة إلى زحاف الخبن في التفعيلة الأولى.

وانظر أخيرا هذا البيت:

يا ليتني فيها جذعْ

الكتابة العروضية:

يا ليتني/ فيها جذعْ

/o/o//o   /o/o//o

لا تتعب نفسك.. الأمر واضح.. لقد فقد البيت ثلثيه، ولم يعد أمامنا إلا تفعيلتان فقط.. هذه تسمى الصورة المنهوكة للبحر.

الآن انتهى يا صديقي حديثنا عن بحر الرجز، وجاء موعدنا بالطبع مع ألعابنا المعتادة.

 

اللعبة الأولى:

أكمل ما يلي وفقا لما فهمت:

- دائرة المجتلب تضم ثلاثة بحور هي..........، و.........، و............

- الزحافات التي تصيب هذا البحر هي الخبن، وهو.......، والطي، وهو..........، والخبل، وهو...........

- الصورة المشطورة للبحر هي..........................، أما الصورة المنهوكة فهي..............................

 

اللعبة الثانية:

اختر الكلمة المناسبة إيقاعيًا لتكمل بها البيت:

 

من أدب السؤال للعفيف     أن يسأل ....... كالضعيف

 

- العالم     - العلماء    - العظماء      - المتعلم

 

اللعبة الثالثة:

رتب الكلمات التالية لتصنع منها بيتا على بحر الرجز:

 

الحب/ الناسِ/ كنت/ فاعشق/ يستلذ/ إن/ ممن/ ولا/ بلغو تُشغل

 

اللعبة الرابعة:

البيت التالي على بحر الرجز، ولكني سأتعمد الآن أن أخطئ في كتابته.. حاول أن تصل إلى موضع الخطأ

 

يا من عشقت الحب في عينيه    عيناه سحرٌ قد أسر القلب 

 

اللعبة الخامسة:

 

احفظ الأبيات التالية، وحاول أن تغنيها مع إيقاع بحر الرجز الذي ستعزفه على طاولتك..

 

 

 

يقول: العباس بن الأحنف:

 

 

يـا سكـــري يـا عـسلي  ... يـا درتـي يـا ذهـبي
لا تـجزعي واصطبــري ... لـوصـلنا وارتـقـبي
فــإن أتـتـكم رسـلــي ... فـاسـتمعي واقـتـربي
إن خـفتِ أن يـفطن بي ... مـنكم رقـيب فـاكتبي
بالله يـــا سـيـــدتـي ... لا تـغضبي من غضبي
قـيــــدني الـحـب فـما ... من حـبـكم مــن هـرب
مـا بـال هـذا الحب لا ... يـزال بـي فـي تـعب
أمـسي وأضـحي هائمـــا  ...  مـن حـبكم فـي نصب[2]



ثانيا: بحر الرمل:

 

عرفنا أن بحر الرمل يتكون من تكرار تفعيلة (فاعلاتن /o//o/o) 6 مرات، وذلك بواقع 3 مرات في كل شطر.. الآن علينا أن نلعب لعبتنا الأولى.. اسحب طاولتك ودق عليها هذا الإيقاع ثلاث مرات ثم توقف قليلا، وأتبعها بثلاث مرات أخرى.. كرر هذا أكثر من مرة حتى يستقر الإيقاع في رأسك، أو بالأحرى في قلبك.

الآن وقبل أن نلعب لعبة الشاعر (البازل)، سألعب معك لعبة جديدة، لكنها مثيرة وممتعة.. هل تذكر ذلك البيت الذي كتبناه معا على بحر الرجز؟ نعم.. كان يقول:

أهلا وسهلا يا صديقي إنني     قد زاد شوقي للقاء المنتظر

/o/o//o /o/o//o /o/o//o    /o/o//o /o/o//o /o/o//o

 

هل تستطيع أن تعيد ترتيبه ليكون على بحر الرمل؟ لا تتعجب –يا صديقي- وتذكر فقط أن البحرين في دائرة عروضية واحدة.. هذا يعني أننا إذا اخترنا من البيت بداية تناسب بحر الرمل، فإننا سنفعلها.. لا تفكر كثيرا.. يمكننا أن نقول:

يا صديقي إنني قد زاد شوقي     للقاء المنتظرْ.. أهلا وسهلا

/o//o/o /o//o/o /o//o/o     /o//o/o /o//o/o /o//o/o

 

لا تفكر في المعنى كثيرا الآن.. أنا فقط أردت أن أؤكد لك مجددا فكرة الدائرة العروضية التي تحدثنا عنها قبل ذلك.. الآن لتلعب دور الشاعر معي.. فلنبدأ مثلا بقولنا: (يا حبيبي) إنها على وزن فاعلاتن.. ابدأ التفعيلة الثانية.. أسمعك تقول: (عد إلينا) هذه على وزن فاعلاتن أيضا.. بقيت تفعيلة ونكمل الشطر.. يمكننا أن نقول مثلا: (إنّ قلبي).. انتهينا الآن من الشطر الأول..

 

يا حبيبي عد إلينا إن قلبي

الكتابة العروضية: يا حبيبي/ عد إلينا/ إنن قلبي

/o//o/o /o//o/o  /o//o/o

 

الآن علينا أن نكتب الشطر الثاني.. ماذا لو بدأنا بـ(ذاب شوقا)؟ إنها على وزن فاعلاتن.. يمكننا أن نكمل: (فاسْقِهِ من).. وأخيرا نقول: (فيض حبكْ).. انتهينا الآن.. أصبح الشطر الثاني يقول:

ذاب عشقا فاسقه من فيض حبكْ

الكتابة العروضية: ذاب عشقن/ فسقهي من/ فيض حببك

                   /o//o/o    /o//o/o    /o//o/o

 

الآن العب معي لعبة التوقع (التخمين).. كيف تكون الزحافات في هذا البحر؟ أسمعك تقول لي: "تفعيلة بحر الرمل هي فاعلاتن، وهي تتكون من سبب خفيف (/o)، ثم وتد مجموع (//o)، وأخيرا سبب خفيف (/o)، والزحافات تدخل فقط على ثواني الأسباب، وبالتالي فإننا لدينا ثلاثة احتمالات.. الاحتمال الأول: حذف الساكن الثاني، فتصبح التفعيلة (فعلاتن) والاحتمال الثاني هو: حذف السابع الساكن، فتصبح التفعيلة (فاعلاتُ) والاحتمال الثالث هو: حذف الثاني الساكن والسابع الساكن معا"، فتصبح التفعيلة (فعلاتْ).

وكالعادة سأقول لك أحسنت.. الآن اعلم بأن حذف الثاني الساكن هو (الخبن)، وقد عرفناه قبل ذلك في المتدارك والرجز، وأن حذف السابع الساكن هو (الكف)، وهذا لا يأتي أبدا في تفعيلة الضرب.. ألم نقل إننا لا نقف على متحرك أبدا؟ أما حذف الثاني الساكن والسابع الساكن معا، فقد سمي (الشكل)، وقالوا عنه إنه قبيح جدا، ولا يأتي –بالطبع- في تفعيلة الضرب. 

تعال الآن لنشاهد أمثلة من الشعر على بحر الرمل، ونلعب معها لعبة الملاحظات..

يقول علي محمود طه:

أين من عينيّ هاتيك المجالي    يا عروس البحر يا حلم الخيال

الكتابة العروضية:

أين من عيـ/نيي هاتيـ/ك لمجالي

/o//o/o  /o//o/o  /o/o//o

يا عروس لـ/ بحر يا حلـ/ م لخيالي

    /o//o/o     /o//o/o   /o//o/o

لا توجد عندك ملاحظات بالطبع، فهذا بيت صحيح خال تماما من الزحافات والعلل.. احفظه إذن ليكون شاهدا لك على بحر الرمل..

ولننتقل إلى بيت آخر..

يقول إبراهيم ناجي:

يا فؤادي لا تسل أين الهوى    كان صرحا من خيال فهوى

الكتابة العروضية:

يا فؤادي/ لا تسل أيـ/ ن لهوى

/o//o/o   /o//o/o   /o//o

كان صرحن/ من خيالن/ فهوى

/o//o/o  /o//o/o  ///o

 

أنا الآن في انتظار الملاحظات.. ستقول لي إن الملاحظة الأولى هي أن التفعيلة الأخيرة في الشطر الأول (العروض) قد أصيبت بعلة، ففقدت السبب الأخير، وكذلك الأمر في التفعيلة الأخيرة في البيت (الضرب)، أما الملاحظة الثانية فهي أن التفعيلة الأخيرة أيضا قد أصيبت بزحاف الخبن؛ حيث فقدت الثاني الساكن.

ملاحظاتك دوما في محلها يا صديقي.. أذكرك فقط بأن العلة التي تحدثت عنها، وهي (حذف السبب الخفيف من نهاية التفعيلة) تسمى علة الحذف.

ولنذهب إلى بيت آخر..

لا يـَكـن وعـْدُك برقا خُـلّبا   سَاطِعا يَلْمَع في عرْض الْغَمامْ

الكتابة العروضية:

لا يكن وعـ/ دك برقن/ خللبا

/o//o/o     ///o/o   /o//o

ساطعن يلـ/مع في عر/ ض لغمامْ

/o//o/o    ///o/o    /o//oo

 

ما ملاحظاتك الآن؟ أسمعك تقول إن الملاحظة الأولى هي أن تفعيلة العروض مصابة بعلة الحذف. والملاحظة الثانية هي أن التفعيلة الثانية في كل شطر قد أصيبت بزحاف الخبن، أما الملاحظة الثالثة والأخيرة فهي أن التفعيلة الأخيرة (الضرب) جاءت مختلفة، فقد فقدنا الساكن الأخير، وأسكنا ما قبله..

نعم.. هذا صحيح.. فقط سأذكرك بأن ما حدث في التفعيلة الأخيرة، وهو حذف الساكن الأخير في التفعيلة المنتهية بسبب خفيف، وإسكان ما قبله، يسمى علة القصر، وقد حول التفعيلة هنا من (فاعلاتن) إلى (فاعلاتْ)، وقد رأينا ذلك في بحر المتقارب قبل ذلك، حين تحولت (فعولن) إلى (فعولْ).

ولنذهب إلى بيت جديد:

لانَ حتى لو مَشَى الذَّرُّ عليه كاد يُدمِيهْ

الكتابة العروضية:

لان حتتى/ لو مش ذذر     ر عليهي/ كاد يدميهْ

    /o//o/o  /o//o/o        ///o/o   /o//o/oo

 

في انتظار ملاحظاتك.. تقول بالطبع إن الملاحظة الأولى هي أن البيت قد جاء في صورة مجزوءة، أما الملاحظة الثانية فهي أن كلمة (الذر) جاء جزء منها في الشطر الأول والجزء الثاني في الشطر الثاني.. والملاحظة الثالثة هي أن التفعيلة الأولى في البيت الثاني قد أصيبت بزحاف الخبن.. أصبحت تستخدم المصطلحات مباشرة يا صديقي.. وماذا عن الملاحظة الرابعة؟ تقول إن تفعيلة الضرب قد أصيبت بعلة زيادة، فقد زاد ساكن هنا في نهاية التفعيلة.

نعم يا صديقي.. هذا صحيح.. اعلم أن هذه العلة تسمى التسبيغ.. أراك معترضا.. آه.. فهمت.. تقول إنني قد قلت لك قبل ذلك إن زيادة ساكن في نهاية التفعيلة يسمى التذييل، والآن أقول إنه يسمى التسبيغ، فكيف هذا؟ يا صديقي الأمر يسير.. زيادة ساكن في التفعيلة المنتهية بوتد مجموع تسمى التذييل، وهذا ما حدث في تفعيلة (فاعلن) في بحر المتدارك مثلا، أما زيادة ساكن في نهاية التفعيلة المنتهية بسبب خفيف فقد أطلق عليها التسبيغ.. لن تنسى هذا مطلقا.. أليس كذلك؟ أسمعك تقول: "بلى يا صديقي".

 أما ملاحظتك عن مجيء كلمة (الذر) مقسمة بين الشطرين، فاعلم أن هذا جائز في الشعر عموما، وتسمى هذه الظاهرة (التدوير)، ويقولون هذا بيت (مدوَّر).

الآن تعرف ماذا سنقول.. نعم انتهى بحر الرمل، وحان وقت اللعب..

 

اللعبة الأولى:

 

أكمل ما يلي وفقا لما فهمت:

 

- الزحافات التي تصيب بحر الرمل هي الخبن، وهو................، والكف، وهو................، والشكل، وهو.....................

- البيت المدور هو.....................................

- الفارق بين علة التذييل وعلة التسبيغ هو: .............................................................

- علة القصر هي........................ أما علة الحذف فهي.................................

 

 

اللعبة الثانية:

 

اختر الكلمة المناسبة إيقاعيًا لتكمل بها البيت:

 

أين عشاقك سمــار الليالي    أين من واديك يا...... الجمال

 

- بداية     - أول    - مهد      - مكان

 

اللعبة الثالثة:

 

رتب الكلمات التالية لتصنع منها بيتا على بحر الرمل:

 

الجندول/ موكب/ وعيد/ وسرى/ عرض/ الغيد/ القنال/ الكرنفال/ في

 

اللعبة الرابعة:

 

البيت التالي على بحر الرمل، ولكني سأتعمد الآن أن أخطئ في كتابته.. حاول أن تصل إلى موضع الخطأ..

 

كيف ذاك الحب أمسى خبرا      وحديثا من كلمات الهوى

 

اللعبة الخامسة:

 

احفظ الأبيات التالية، وحاول أن تغنيها مع إيقاع بحر الرمل الذي ستعزفه على طاولتك..

 

 

يقول علي محمود طه في قصيدته الجندول:

 

 

بين كأس يتشهى الكرم خمره
وحبيب يتمنى الكأس ثغره
التقت عيني به أول مره
فعرفت الحب من أول نظره

مر بي مستضحكا في قرب ساقي
                             يمزج الراح بأقداح رقاق
قد قصدناه على غير اتفاق
                               فنظرنا وابتسمنا للتلاقي[3]



ثالثا: بحر الهزج:

 

يتكون بحر الهزج –وفقا للدائرة العروضية- كما عرفت من تكرار تفعيلة (مفاعيلن //o/o/o) 6 مرات، بواقع 3 مرات في كل شطر.. تستطيع الآن أن تشد طاولتك إليك، وتدق عليها إيقاعنا (دُدُمْ دُمْ دُمْ) 3 مرات، ثم تتوقف لحظة قبل أن تعيد الكرة.. كرر ذلك 10 مرات حتى تشعر بالإيقاع، ويستقر في قلبك.

الآن لنلعب لعبة الشاعر (البازل).. ماذا سقول يا صديقي؟ أسمعك تقول: "سنقول مثلا (حبيبي)؟ هذه على وزن (مفاعي //o/o) وسنكمل بعدها التفعيلة (/o)، وسنكمل بعدها قائلين (إن قلبي)، وبهذا نكون قد انتهينا من التفعيلة الأولى، وأخذنا (//o/o) من التفعيلة الثانية.. بعدها يمكننا أن نقول (في).. وبهذا اكتملت التفعيلة الثانية.. سنكمل بعدها بـ(هوى المحبوب).. بهذا نكون قد انتهينا من التفعيلة الثالثة، وأخذنا من التفعيلة الأولى في الشطر الثاني (/).. لقد صنعنا التدوير أيضا".. سأبتسم معبرا عن براعتك وأقول لك: ولم لا؟ أكمل إذن.. ستقول مثلا: "(كالطفل الذي).. وصلنا إلى التفعيلة الثانية وبقي منها (/o/o).. سنضع بعدها مثلا (يشتاق).. بدأنا التفعيلة الأخيرة، وأخذنا منها (/).. بقي أن نقول مثلا (حضن الأمْ).. ما رأيك؟".. رأيي معروف وهو أنك شاعر عظيم.. لقد فعلت شيئا عظيما، وسأفاجئك بعد قليل يا صديقي، ولكن لنكتب البيت الآن كله، ثم نكتبه كتابة عروضية، ونضع الحركات والسواكن.

                      حبيبي إن قلبي في هوى المحبو  

             ب كالطفل الذي يشتاق حضن الأمْ

الكتابة العروضية:

حبيبي إن/ ن قلبي في/ هو لمحبو

//o/o/o  //o/o/o   //o/o/o

ب كططفل لـ/لذي يشتا/ ق حضن لأمْ

//o/o/o  //o/o/o   //o/o/o

 

والآن، وقبل المفاجأة التي سأخبرك بها، تعال لنلعب لعبة التوقعات (التخمين).. ما الزحافات التي يمكن أن تصيب هذه التفعيلة (مفاعيلن //o/o/o)؟ لقد أصبح الأمر يسيرا جدا.. هذه التفعيلة تتكون من وتد مجموع (//o)، ثم سببين خفيفين (/o /o)، وهما موضع الزحافات.. يمكن الآن أن نقول إن هناك ثلاثة احتمالات.. الاحتمال الأول أن يصيب الزحاف السبب الأول، فنحذف الخامس الساكن في التفعيلة.. إنه زحاف القبض الذي رأيناه قبل ذلك في بحر المتقارب.. أما الاحتمال الثاني فهو حذف السابع الساكن من التفعيلة، وهو زحاف الكف، وقد رأيناه قبل ذلك في بحر الرمل. أما الاحتمال الثالث والأخير فهو اجتماع الزحافين.. لا تتعب نفسك.. هذا الاحتمال غير موجود في هذا البحر.

وجاء الآن وقت لعبة الملاحظات.. سنرى بيتا على بحر الهزج، وعليك أن توضح لنا ملاحظاتك..

  

فهبُّوا يا بني أمِّي   إلى العلياء بالعلْمِ

الكتابة العروضية:

فهببو يا/ بني أممي    إللعليا/ ء بلعلمي

//o/o/o  //o/o/o    //o/o/o  //o/o/o

 

أنا في انتظار ملاحظاتك على أحر من الجمر.. أسمعك تقول إنها ملاحظة واحدة، وهي أن هذا البيت جاء على الصورة المجزوءة.. واسمح لي أن أكشف لك عن المفاجأة الآن.. هذا البحر يا صديقي لا يأتي على الصورة التامة.. يأتي فقط على الصورة المجزوءة.. ستقول لي: "ولكننا كتبنا بيتا بالفعل على الصورة التامة".. نعم فعلناها.. لقد رفعنا راية التحدي للعروضيين وفعلناها، وهذا بالتأكيد أمر يستحق النقاش كثيرا، ولكننا سنرجئه لمرحلة لاحقة نناقش فيها نظرية العروض بشكل كامل. [4]

ولننتقل إلى بيت آخر، نستخرج منه عددا من الملاحظات الأخرى:

وَمَا ظهري لباغي الضَّيـم بالظَّهر الذَّلولِ

الكتابة العروضية:

وَمَا ظهري/ لباغ ضضيـ     ـم بظظّهر ذذلولي

       //o/o/o  //o/o/o    //o/o/o  //o/o

 

أسمعك تقول إن لديك ملاحظة واحدة، وهي أن التفعيلة الأخيرة قد أصيبت بعلة الحذف، حيث سقط منها السبب الخفيف الأخير، فتحولت من (مفاعيلن //o/o/o) إلى (مفاعي //o/o).

هل تعلم الآن أننا انتهينا من بحر الهزج.. أصبحت اللعبة سهلة يا صديقي، وقد أتقنت كثيرا من أفكارها وأدركت كثيرا من أسرارها.. والآن حان موعد الألعاب التي تجد مكانها عندنا مع نهاية الحديث عن كل بحر.

 

اللعبة الأولى:

 

أكمل ما يلي وفقا لما فهمت:

 

- الزحافات التي تصيب بحر الهزج هي القبض، وهو................، والكف، وهو................

- يأتي بحر الهزج على الصورة............. فقط

- تصيب علة الحذف تفعيلة مفاعيلن فتحولها إلى ..........

 

اللعبة الثانية:

 

اختر الكلمة المناسبة إيقاعيًا لتكمل بها البيت:

 

كفى ما كان من ........      وقد ذقْتم وقد ذقنا

- البعد     - الهجران    - فراقٍ     - هجرٍ

 

اللعبة الثالثة:

 

رتب الكلمات التالية لتصنع منها بيتا على بحر الهزج:

من/ أشفي/ بنَيْلٍ/ متى/ بَخِيلِ/ غليلي

 

اللعبة الرابعة:

البيت التالي على بحر الهزج، ولكني سأتعمد الآن أن أخطئ في كتابته.. حاول أن تصل إلى موضع الخطأ..

 

عيون القلب لا تنسى     عيونا قد أحببناها

اللعبة الخامسة:

 

احفظ الأبيات التالية، وحاول أن تغنيها مع إيقاع بحر الهزج الذي ستعزفه على طاولتك..

 

يقول بهاء الدين زهير:

 

 منَ اليَومِ  تَعارَفنـا    وَنَطوي ما جَرى مِنّا
وَلا كانَ وَلا صـارَ   وَلا قُـلتُم وَلا قُلـنـا
وَإِن كانَ   وَلابُـدٌّ    مِنَ العَتبِ فَبِالحُسنـى
فَقــد قيلَ لَنا عَنكُم   كَما قــيلَ لَكُم عَنّـا
 كَفى ما كانَ مِن هَجر ٍ   وَقد ذُقـتُـم وَقَد ذُقنا



[1] بحر الهزج لا يتكرر فيه بالطبع تفعيلة (مفاعيلن) 6 مرات، ولكن الدائرة العروضية تقول ذلك، وسيتم توضيح ذلك في حينه.
[2] هذه القصيدة تغنيها عفيفة إسكندر، وهي مطربة عراقية.. يمكن أن تستمع إليها لتساعدك على الحفظ.
[3] هذه القصيدة يغنيها محمد عبد الوهاب.. يمكن أن تستمع إليها لتساعدك على الحفظ.
[4] هذا الأمر ينضم إلى عدد من الأمور الأخرى التي تستحق النقاش في النظرية العروضية، وربما نجد لها حلا من خلال الموسيقى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كيف تلعب العروض؟

الشعر العربي الحديث

من أعمال الطلاب